عبد العزيز إيزو مدير أمن القصور يتورط في شبكة بين الويدان
حرص عبد العزيز إيزو، والي أمن القصور ووالي أمن طنجة والإطار الذي كانت ترتعد لرؤيته الفرائص، وهو يدافع عن نفسه إبان سقطته المدوية، (حرص) على انتقاء العبارات التي تحدد طبيعة المهام الإدارية المنوطة به، والتي كانت لا تبسط أمامه الطريق إلى بارون المخدرات الشريف بين الويدان، بحكم أن الأخير كان يهرب مخدراته من منطقة بعيدة عن نفوذ وصلاحيات رجل العنيكري في أمن القصور. كما حرص إيزو في بداية محاكمته على قراءة جميع التناقضات التي رآها في تصريحات بارون المخدرات الذي جره إلى حفرة النار، والتسطير عليها بألوان الأمل في الإفلات من العقاب، لكن هذا التكتيك لم يسعف المسؤول الأمني السابق في إبعاد ألسنة النار من حواليه، بل حاصرته ووضعته في مركزها لتمتد إليه وتحرقه وتحرق معه مسؤولين أمنيين آخرين.
سنة 2006 انفجرت القنبلة، "مدير أمن القصور متورط في تهريب المخدرات"، "سقوط مدير أمن القصور في مستنقع بارونات المخدرات"، "إيزو متهم بالارتشاء"... وغيرها من العناوين التي تصدرت الصفحات الأولى للجرائد، وأصبحت حديث المغاربة الذين قابل بعضهم السقطة المدوية للإطار الأمني، بالارتياح، واستقبلها آخرون بكثير من الأسئلة حول الاسباب التي سرعت سقوط الرجل المقرب من الجنرال حميدو العنيكري، بل فسر البعض إعفاء الأخير من مهمته في الإدارة العامة للأمن الوطني ومنحه منصب مفتش القوات المساعدة، عقابا.
فشلت خطة الدفاع وانتهى إيزو من فخامة مكتب مدير أمن القصور، وووالي أمن طنجة، إلى زنزانة باردة بالمركب السجني عكاشة بالدار البيضاء، حيث قضى أربع سنوات في إطار هذا الملف الذي اتهم فيه ب"الارتشاء والمشاركة في تهريب المخدرات"، قبل أن يغادره قبل بضعة أشهر، ليواجه قضية جديدة رفعتها إدارة الجمارك. ورغم أن إيزو ظل ينكر علاقته بشبكة الشريف ابن الويدان ويصرخ أن الاتهامات ملفقة، وأن محمد الخراز المتهم الرئيسي في الملف ألصقها به عنوة، إلا أن المحكمة أدانته في الملف بعد أن تبين لها أن المسؤول الأمني متورط في التستر على مهربين قاموا بمجموعة من عمليات التهريب الدولي للمخدرات خلال الفترة الممتدة ما بين 1995 و2006 بلغت أزيد من 30 عملية تصدير مخدرات، بكميات تتراوح بين 150 و3 آلاف كيلوغرام، على متن زوارق مطاطية.
وأغرب حماقة ارتكبها الرجل بأموال التهريب، حسب الاتهامات الموجهة إليه، تتعلق بترميم مقر ولاية أمن طنجة وإجراء إصلاحات عليها بأموال بين الويدان، إذ ألح الأخير على أنه مول هذه العمليات، فيما ظل إيزو يعتبر الأمر غير مقبول منطقيا، إذ كيف يمكن أن يستثمر أموال رشوة في إصلاح مرفق عمومي، عوض أن يستفيد لمصلحته الشخصية منها؟ وهو السؤال الذي ظل معلقا دون جواب، لكن إيزو نفسه لم يستطع أن يثبت مصادر تمويل هذه الترميمات، خاصة أنها كانت مكلفة جدا.
وفيما كان المسؤول الأمني السابق يتشبث كغريق بقشة منافذ تهريب المخدرات، مؤكدا أنها لا تدخل في نفوذه الترابي عندما كان واليا لأمن طنجة، إلا أن سقوط أمنيين من المناطق المذكورة أبانت أن الأمر يتعلق بشبكة تتضمن عدة متورطين من مهربي المخدرات وأمنيين ودركيين، كانوا ينسقون في ما بينهم لتسهيل مهمة المهربين، وهو ما كشفت عنه تحريات مصالح الأمن، التي انتهت بإيداع المهربين والمسؤولين الأمنيين، من الأمن والدرك والقوات المساعدة، بالسجن بعد أن فككت شفرات التهريب الدولي للمخدرات في المنطقة، ووجود صلات لرجالات الدولة بشبكة محمد خراز، الملقب بالشريف بين الويدان، وأحمد الشولي، الملقب بـ "حميدو"، ومصطفى التطواني كويح.وكان الخروج الفاضح لبين الويدان، واحتسائه كؤوس الشاي في مقهى عمومي بالقصر الكبير مع عناصر من الدرك الملكي، رغم أنه مبحوث عنه، هو ما سرع وتيرة التحقيقات، قبل أن يتم إلقاء القبض على المتهم الرئيسي وتسقط باقي حلقات السلسلة الحديدية التي كانت تحمي شبكة ابن الويدان، وتعبد أمامها الطريق.