خيرات قال إن الجهاز يعمل تحت إمرة وزير العدل والحريات وميزانيته يناقشها البرلمان
شن أعضاء في فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، الاثنين الماضي، هجوما لاذعا على جهاز مديرية مراقبة التراب الوطني، مطالبين بضرورة «إخضاعه لمراقبة البرلمان».
من جانبه، استغرب عبد الهادي خيرات، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، مطالبة نواب الـ «بي جي دي» بإخضاع «الديستي» لمراقبة المؤسسة التشريعية، مؤكدا، في تصريح لـ «الصباح»، أنه كلام موجه للاستهلاك مادام أن مديرية مراقبة التراب الوطني أضحت اليوم تابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، وبالتالي فهي تعمل تحت إشراف وزير الداخلية وإمرة وزير العدل والحريات، كما أن ميزانيتها، يضيف المصدر ذاته، صارت معروفة ومدرجة ضمن الميزانية الفرعية للوزارة وتخضع اليوم للمحاسبة من طرف البرلمان.
واعتبر خيرات أن منح الصفة الضبطية لعناصر الديستي أصبح يجعلهم تابعين لوزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، وبالتالي فلا مجال اليوم، يضيف خيرات، للحديث عن الإطار القانوني لهذه الإدارة، مطالبا نواب الـ «بي جي دي»، في المقابل، بطرح ملفات أو إثباتات تؤكد احتمال وجود تجاوزات صادرة عن عناصر جهاز «الديستي»، أمام وزيري الداخلية والعدل والحريات بالبرلمان، مادام أن الوضع القانوني لهذه الجهاز صار واضحا ولا يحتمل اللبس، والبرلمان يناقش ميزانيته في لجنة التشريع والعدل، ويخضعه للمساءلة.
يأتي ذلك ضمن سياق ارتفاع انتقادات أعضاء فريق العدالة والتنمية لجهاز «الديستي»، إذ قال محمد بنعبد الصادق عن فريق العدالة والتنمية خلال اجتماع لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، الاثنين الماضي، «إن المجال الأمني ما زال يحتاج إلى تنظيم، لأن «الديستي» وإن أصبحت لبعض مسؤوليها اليوم صفة ضابط الشرطة القضائية، فهي ما زالت تعمل في ظروف لا تتلاءم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان».
وشدد محامي العدالة والتنمية، في مداخلته، على استمرار عدم خضوع الديستي لمراقبة المؤسسة البرلمانية، قائلا «نحن نطالب بقوانين واضحة وشفافة، وأن تخضع المؤسسة الأمنية بشموليتها لمراقبة البرلمان».
وسار على نهجه عضو فريق الـ «بي جي دي» بمجلس النواب عبد العزيز أفتاتي، حين طالب بتفعيل مبدأ الحكامة الأمنية كما وردت في الفصل 45 من الدستور الذي ينص على ترسيخ مبدأ الحكامة الأمنية الجيدة وخضوع الأجهزة الأمنية للرقابة من طرف وزارة الداخلية وفق سياسة موجهة من طرف المجلس الحكومي.
وأضاف المصدر ذاته أن ذلك يجعل عملية المساءلة تتم من طرف ممثلي الشعب داخل مجلس النواب، معتبرا أن هذا المطلب أصبح ملحا، ويجب أن يكون متضمنا في النص التنظيمي الذي سيحدد اختصاصات الأجهزة الأمنية، وفق ما جاء في الدستور.
وأضاف أفتاتي، في تصريح صحافي، «أن حفظ الأمن حق أساسي للمواطنين ويجب أن يكون مصونا من طرف السلطات من أجل تثبيت حرية التعبير ما كان ذلك محترما للقانون وفي إطار سلمي».
شددت مصادر في الأغلبية على أن مواقف العدالة والتنمية الأخيرة من وزارة الداخلية والاحتجاجات تعكس ازدواجية خطاب الحزب، والتي تترجمها مواقف نوابه المنتقدة للسياسة الحكومية التي يشرف عليها أمين عام الحزب بنكيران بصفته رئيسا للحكومة، علما أن الأجهزة الأمنية تتلقى أوامر منه مباشرة وتزوده بجميع التقارير.
من جهتها، علقت مصادر برلمانية على مواقف حزب العدالة والتنمية بالقول إن «الديستي» لم تكن خاضعة للقانون على شاكلة الضابطة القضائية، مضيفة أن ذلك تم بمقتضى التعديلات التي أدخلت على قانون المسطر الجنائية في عهد الحكومة السابقة والتي استهدفت ملاءمة القانون مع الإصلاحات الدستورية الجديدة في ما يتعلق بالحريات العامة وحقوق الإنسان.
وأضافت المصادر ذاتها أن المفارقة تكمن في أن الذي دافع عن هذه التعديلات الكبرى وقتها هو إدريس لشكر في الجلسة العامة للبرلمان، وكان وزير العدل والحريات الحالي، حينها، يعارضها من خلال دفع فريقه النيابي للتصويت ضدها، عكس ما يصرح به اليوم بتنويهه بهذه التعديلات التي همت قانون المسطرة الجنائية، في وقت يعيد رفاقه في الحزب إنتاج خطابه السابق.